وفاة أحمد خالد توفيق…روائي عَشِق الكوميكس!

توفي أول أمس الموافق 2 أبريل 2018 فجأة الكاتب الكبير و الروائي العظيم الدكتور أحمد خالد توفيق، عن عمر يناهز الـ56 عامًا، و هو يعد أول من كتب و أبدع في مجال أدب الرعب باللغة العربية للشباب و قد تتلمذ على يده و كتاباته جيل كامل من الكتاب الشباب الذين ظهروا بعده و أحتسب نفسي واحداً منهم و لهذا لُقِّب أدبياً بــ”العراب” فلا تجد كاتب من الكتاب الشباب الحاليين إلا و قد أخذ من أسلوبه أداة أو اثنان و هو له الفضل إلى جانب الدكتور نبيل فاروق في أنهما قد جعلا الشباب تقرأ و أوجدا ما يقرأه الشباب إلى الأن.

“هناك عبارة يقولها ر.ل.شتاين: أريد أن يكتب على قبري <<جعل الأطفال يقرأون>>…أما أنا فأريد أن يكتب على قبري <<جعل الشباب يقرأون>>” – أحمد خالد توفيق.

إن وفاة الكاتب الكبير و المبدع د. أحمد خالد توفيق هي صدمة كبيرة و غير متوقعة لي و لكل جمهوره العريض من القراء، لا يمكن تصديقها أو استيعابها إلى الأن!

كنت ولازلت من القراء النهمين لكل رواياته و أعماله التي أثرت المكتبة العربية و حفزت الشباب على القراءة و الكتابة و الإبداع و زادت من عشاق أدب الرعب و الخيال العلمي في المنطقة بشكل عام، و هو من الكتاب و الروائيين الأقرب إلى قلبي و الذين أثروا كثيراً و بوضوح في أسلوب كتابتي الخاص و الذين أعتبرهم مصدراً من مصادر إلهامي الدائم…بأسلوبه الروائي السلس و الشيق المرح و معلوماته الوفيرة في كل شيء…هذا الرجل كون وعي جيل بأكمله و ربما أكثر!

“أنا أخشي الموت كثيراً و لست من هؤلاء المدّعين الذين يرددون في فخر طفولي لا نهاب الموت، كيف لا أهاب الموت و أنا غير مستعد لمواجهة خالقي؟!” – أحمد خالد توفيق.

كان من العشاق و الداعمين الكبار لثقافة الكوميكس و أدب القصة المصورة و من عشاق مجلة تان تان تحديداً و على ما أذكر أن أول محاولاته في الكتابة و هو صغير نشرت في مجلة تان تان، قابلته أكثر من مرة و تحدثت معه و كان يشيد كثيراً كلما رآني بمجهوداتي في مجال الكوميكس و موقع عرب كوميكس الذي أسسته في 2005 و موقع كوميكس جيت و الذي أسسته في 2008 و كتب مقالات عديدة حول عرب كوميكس و أدب القصة المصورة بشكل عام و كان لديه حلم بإتحاد الموقعان و تعاونهما معاً و هو حلم كبير لدى العديد من عشاق هذا الفن ولكنه مع الأسف لم يتحقق!

“ظللت منبهرًا بفن الستريبس، وعرفت فيما بعد أن اسمه (الفن التاسع) .. هو فن فريد يقف بالضبط حيث تلتقي عدة دوائر هي الرسم والأدب وفن السينما .. لا جدال في أن هناك جزءًا سينمائيًا مهمًا في هذا الفن، مع زوايا الكاميرا وتشكيل الكادر. في بعض قصص تان تان كان بطل القصة يصرخ أو يسمع انفجارًا فيخيل لي أنني أسمعه .. لا غرابة في أنهم يصنعون (ستوري بورد) للأفلام قبل تصويرها وهي تشبه سردًا للفيلم عن طريق الستريبس.” الفن التاسع – أحمد خالد توفيق.

قام بتقديم بعض أعمال الكوميكس المميزة له بالتعاون مع فنانين عدة مثل الأستاذ فواز و الدكتور جراح على الطبيخ و الدكتور أشرف حمدي و الأستاذة حنان الكرارجي و غيرهم الكثير و كان من المقرر التعاون معه مستقبلاً في تحويل عدد كبير من رواياته إلى كوميكس للصدور على كوميكس جيت رقمياً و ورقياً أيضاً، مثل ما وراء الطبيعة و  سافاري و يوتوبيا و غيرهم! أتمنى أن يتحقق هذا الحلم يوماً ما!

من أهم و أقوى أعمال الكوميكس التي قدمها في حياته و ننصح الجميع بقراءتها…

أسطورة المرأة الأفعى: و هي تدور حول ظهور المرأة الأفعى من جديد في أحد مغامرات الدكتور رفعت إسماعيل خبير علوم ما وراء الطبيعة الأشهر، و هي من سيناريو د.أحمد خالد توفيق و رسوم د.جراح على الطبيخ.

أسطورة ميسيا: و هي تدور حول التماثيل…التماثيل التي تغير وضعها من حين لآخر و تراقبك و عن الوحدة…حين تسمع ذلك الصوت الكريه يتحرك في الصالة فتدرك الحقيقة المريعة التي تخشى الإعتراف بها! و هي من سيناريو د.أحمد خالد توفيق و رسوم د.جراح على الطبيخ.

تأثير الجرادة: و هي تدور حول نظرية آلة الزمن و قدرتها على تغيير الواقع و هل وجودها كان من الممكن أن يمنع ثورة 25 يناير أم يعجل بها؟! و هي من سيناريو د.أحمد خالد توفيق و رسوم حنان الكرارجي.

عداء الطائرة الورقية: هي أول رواية مصورة للروائي الأمريكي من أصل أفغاني خالد حسيني، والتي تحكي قصة الفتى أمير من حي وزير أكبر خان في كابل وصديقه المقرب حسان، خادم والده الهزاري. النسخة العربية من ترجمة د.أحمد خالد توفيق و تحمل الكثير من روحه و أسلوبه الخاص كما عودنا دائماً في أعماله المترجمة المتميزة جداً في سلسلة روايات عالمية للجيب و غيرها!

لن يعودوا أبدا: و هي تدور حول سجن جديد و عجيب لا مفر منه فعلاً، و هي من سيناريو د.أحمد خالد توفيق و رسوم المذهل فواز.

“اليوم كان من الوارد جداً أن يكون موعد دفني هو الأحد 3 إبريل بعد صلاة الظهر…إذن كان هذا هو الموت…بدا لي بسيطاً مختصراً و سريعاً…بهذه البساطة…أنت هنا…أنت لم تعد هنا…و الأغرب أنني لم أر أي شيء من تجربة الدنو من الموت NDE التي كتبت عنها مراراً!” قهوة باليورانيوم – أحمد خالد توفيق.

رحمك الله يا استاذنا و صديقنا الكبير، لقد فقد الأدب العربي الحديث واحداً من أهم كتابه و ستظل خسارة كبيرة لن يعوضها أحد!

“وداعا أيها الغريب
كانت إقامتك قصيرة، لكنها كانت رائعة
عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيرا
وداعا أيها الغريب
كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل
قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس
لحناً سمعناه لثوان من الدغل
ثم هززنا رؤوسنا وقلنا أننا توهمناه
وداعا أيها الغريب
لكن كل شيء ينتهي”