تطور فن الكوميكس في مصر!

الكوميكس في مصر

اصبح فن الكوميكس في العصر الحديث في مصر لا يقتصر علي الأطفال او المراهقين، بل يتنوع ما بين القصص الخيالية والقصص الرومانسية وقصص الرعب والإثارة وهو أداة يعبر بها الفنان عما يدور في مجتمعه من سلبيات او ينقل بها مفاهيم فلسفية. كان مفهوم القصص المصورة قاصر علي الفن الموجه للطفل الي ان تغير هذا المفهوم بعد ثورة ٢٥ يناير وكانت الإرهاصات الاولي لتغير مفهوم هذا الفن علي يد فنان الكوميكس مجدي الشافعي حيث قام بعمل رواية مصورة (جرافيك نوفل) باللغة العربية للكبار وحملت عنوان “مترو”، وكانت تدور حول مهندس كمبيوتر شاب يشعر بالإحباط من المستقبل فيقرر ان يسرق بنكاً ليجد نفسه وسط مؤامرة فساد كبري متورط فيها عدد من رموز الحزب الحاكم وفي الخلفية يرسم مجدي رؤية بصرية لشوارع وأنفاق “مترو” القاهرة، وفور صدور هذه الرواية حققت نجاحاً كبيراً وترجمت لعدد من اللغات الأوربية ولكن للأسف تعرضت هذه الرواية بعد كل هذا النجاح الي المصادرة وفرض غرامة علي الكاتب.

رواية مترو

حاول مجدي التوسع في نشر ثقافة الكوميكس في مصر من خلال العمل في ورش إبداعية مع فنانين وكتاب شباب. جذبت الورش التي نظمها مجدي بالتعاون مع المراكز الثقافية والأجنبية كمركز جوتة اهتمام الكثير من الكتاب والفنانين الشباب وظلت تلك الخطوة غير مكتملة حيث ان هذه الاعمال لا تجد فرصتها في النشر الي ان تولي مركز هشام مبارك الحقوقي دعم هذا الفن مع مجدي الشافعي لإصدار مجلة “الدشمة” و التي صدر العدد الاول منها بعد الثورة حيث احتوي العدد علي مجموعة من القصص التي توظف خيال وتراث الكوميكس.

الدشمة

“الدشمة” ليست التجربة الوحيدة في مجال تطور فن الكوميكس في مصر فهناك مجلة “توك توك” وصدر العدد الاول منها قبل ثورة ٢٥ يناير بعدة شهور، لقيت تجربة “توك توك” اهتماماً جماهيرياً حيث تميزت بلغتها العامية المصرية الخالصة. حملت المجلة شعار “بين ضواحي القاهرة الزحمة، وشوارعها الرئيسية “التوك توك” ماشي بركابه مع أفكارهم وخلفياتهم المتنوعة! كل واحد ومشواره”. لا تسخر مجلة “توك توك” من الأمور السياسية فقط بل ومن العادات والمظاهر الاجتماعية المصرية وتفتح المجلة أبوابها للفنانين المهتمين بالكوميكس لنشر اعمالهم.

توك توك 8

وجد فن الكوميكس في مصر أخيراً طريقه علي رغم ما يعانيه فناني الكوميكس لنشر فنهم، صدر كتاب “خارج السيطرة” وهو اول كتاب تأليف جماعي ينتمي لهذا الفن الشيق، وما يتميز به كتاب “خارج السيطرة” انه كتاب للكبار ونتاج لورشة تأليف ورسوم كانت بعنوان كادرات الكتابة أعدت له الفنانة رانيا أمين، وحرره الشاعر اشرف يوسف، وصمم الغلاف مريم صلاح واشترك فيه ١٩ فناناً من الرسامين والكتاب وهم محمد توفيق، اشرف حمدي، احمد قشوش، شيرين هنائي، باسم موسي، جابر خليل، حاتم فتحي، حنان الكرارجي….وآخرون. جمع الكتاب بين المغامرة والفانتازيا واتسم بالجرأة وخفة الدم، ثم توالت اعمال الكوميكس في مصر وصدر “أوتوستراد” والذي يضم ١٢ قصة مصورة بطريقة الكوميكس قام برسمها وتأليفها ٢٠ فنان.

خارج السيطرة

اوتوستراد

وفي اول مرة في مصر والعالم العربي نجح احد المصورين الفوتوغرافيين المحترفين في صناعة بانوراما حديثة في عالم التصوير الفوتوغرافي وهو المصور الشاب “احمد فودة” الذي حول صور الثوار الي شخصيات كارتونية مع الاحتفاظ بملامحهم و قام بكتابة تعليقات ساخرة من خلال بالونات محادثة و جمعها في كتاب “ألبوم الثوار الأبطال”. يتكون الكتاب من ٩٢ صفحة كما يحوي غلافه صوراً لأبطال الثورة وعلم جمهورية مصر العربية وسط مزيج من المشاهد الثورية المشتعلة في أحداث جمعة الغضب وتشمل أولى صفحاته مقدمة كتبها له فنان الكوميكس أحمد عبده يشرح من خلالها فن الكوميكس و فن الفوتوغرافيا و التشابه بينهما و كيفية مزجهما معاً بالإضافة أيضاً للتركيز على بعض الاحداث المؤثرة في الثورة المصرية. وقد قامت عدد من المكتبات ودار الوثائق المصرية بتكريم المؤلف، واعتبرت كتابه عملاً يوثق الثورة المصرية.

ألبوم الثوار الأبطال

كما تأتي أيضاً رواية “١٨ يوماً” المصورة من تأليف محمد هشام عبية و رسوم حنان الكرارجي لتنقل السلوك الإنساني الرفيع للشعب المصري وثورته السلمية من خلال احداث روائية شيقة مأخوذة من الثورة و رسومات متقنة ورائعة، مما جعلها تحقق نجاح و شعبية عالية بين القراء و المهتمين العرب بشكل عام و ليس في مصر فقط.

18 يوم

أيضاً في أثناء الثورة المصرية صدر كتاب “الشعب لما” المصور و الذي يعد أول إصدار كوميكس يوثق أحداث الثورة المصرية بطريقة طريفة و ساخرة عن طريق استخدام الرسومات المتتابعة و بالونات المحادثة و التركيز على مواقف و مفارقات طريفة حدثت في الثورة بالفعل. الكتاب كان من كتابة واعداد دينا سعيد و من رسوم عبد الرحمن حازم.

الشعب لما

ثم توالت إبداعات فناني الكوميكس المصريين لتخرج سلسلة حكايات الظلام المحظورة وتهدف الي بث رسائل أخلاقية ومجتمعية مغلفة في جو من التشويق والخيال المرعب، العدد الاول صدر تحت عنوان “عجين القمر” تأليف شرين هنائي ورسوم حنان الكرارجي وإعداد وتحرير شيم الشافعي. أما الجزء الثاني من نفس السلسلة صدر تحت عنوان “الموت يوماً آخر” وهي عبارة عن رواية مرعبة طويلة مصورة، ومجموعة مقالات من أدب الرعب المصري شارك في كتابته شيرين هنائي، شيم الشافعي، إيمان ابراهيم، حنان الكرارجي. ولهذا الكتاب ملامحه التي تختلف عن أدب الرعب الغربي المعروف لمعظمنا.

عجين القمر 1

الموت يوماً آخر

ولا ننسى أيضاً “تأثير الجرادة” أحدث الروايات المصورة العربية و التي صدرت مؤخراً بمعرض الكتاب لهذا العام 2014 و هي من كتابة أروع كتاب الرعب المصريين الدكتور أحمد خالد توفيق و من رسم الفنانة حنان الكرارجي.

تأثير الجرادة

ومازالت تتوالد ابداعات جديدة بالطبع من مواهب مصرية شابة كل يوم ويتطور فن الكوميكس في مصر بشكل مستمر ليس فقط في إطار الكتب والروايات المصورة علي الورق بل و ايضا في مجال الكوميكس الرقمي و مواقع الكوميكس العربية المتخصصة في مجال الكوميكس والتي سوف نتحدث عنها في المقالة القادمة ان شاء الله…تـــابـــعونـــا!

Share Button
Avatar photo

غادة مصطفى

ماجستير نقد فني عملت كاستاذ منتدب بجامعة الزقازيق وعملت أيضاً في شركة ماتريكس للرسوم المتحركه بقسم التحبير خريجة كلية التربية الفنية بالزمالك بتقدير جيد جداً مع مرتبه الشرف اشتركت في معارض كثيرة ومعارض دولية مثل بينالي القاهرة الدولي السادس للخزف وصالون الخريف بالزمالك. اتقن فنون متعددة منها الخزف، التصميم، التصوير، الرسم بالفرشاة مباشرة تابع قسم التحبير في الرسوم المتحركه. انا حالياً خارج مصر ومشتركة في عدة مواقع مصرية واجنبية لرسم الكاريكاتير وأيضاً مجلات.

رأي واحد حول “تطور فن الكوميكس في مصر!

اترك رد